قطاعا الصناعة والخدمات اللوجستية يشكلان 21% من الناتج الإجمالي
التقلبات الاقتصادية وتذبذب أسواق النفط أبرز تحديات نمو القطاعين
البحرين تعتبر بوابة دخول لأسواق دول مجلس التعاون البالغة قيمتها 1.5 تريليون دولار
بات القطاع اللوجستي دعامة مهمة في كل قطاعات ومجالات الاقتصاد العالمي، بسبب تبني الحكومات والشركات الكبرى تنفيذ مشاريع استثمارية مجدية في هذا القطاع، كما أصبح رافدًا للاقتصاد الوطني لبعض الدول، وهو تقدم فريد من نوعه في تطوير البنية التحتية ووجود مناطق صناعية ولوجستية متقدمة، لتصبح البحرين مركزًا إقليميا مثاليا للخدمات اللوجستية والصناعية، إذ تحتل موقعا استراتيجيا كبوابة حيوية على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وتكمن الاهمية الاستراتيجية للقطاع اللوجستي في دعمه القوي للنمو الاقتصادي، إذ إنه مكون رئيسي في تنشيط قطاعي الصناعة والتجارة الإقليمية، حيث يشكل قطاعا الصناعة والخدمات اللوجستية مجتمعين ما نسبته 21% تقريبا في الناتج المحلي الإجمالي.
الفرص والتحديات
أمين العريض الرئيس التنفيذي في شركة البحرين الأولى، وأحد الشخصيات الاقتصادية المرموقة في المملكة، تحدث لـ«أخبار الخليج» متوقعًا مستقبل هذا القطاع في البحرين، وتطرق إلى الحراك المالي والاستثماري والتوسع الذي تشهده البحرين في القطاع اللوجستي، إذ أكد: «بدأت البحرين في تنفيذ حزمة من المشاريع الضخمة التي تستهدف توفير مناخات مريحة للاستثمارات التجارية والتنموية الخارجية والداخلية، التي تسهم في جذب مزيد من المستثمرين من العالم، فضلاً عن تمتعها ببيئة استثمارية قوية جاذبة للأعمال، وحرية اقتصادية تدعم نمو القطاع اللوجستي».
وذكر العريض: «تتجاوز مساهمة القطاع اللوجستي في البحرين 7% من الناتج المحلي الإجمالي، بسبب الخدمات التي يقدمها لرواد الأعمال والتسهيلات والإجراءات المتبعة والقوانين والتشريعات الخاصة بتأسيس المشاريع التجارية».
وأشار العريض إلى أن «القطاع اللوجستي في البحرين يقع ضمن الخطط العملية الشاملة التي تنفذها الدولة حاليا لتنويع مصادر اقتصادها ومشاريعها، بهدف رفع مستوى المنافسة الاقتصادية لقطاعاتها في المنطقة والعالم، حيث تعمل المملكة على بناء جسور تعاون وشراكة بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ مزيد من المشاريع ذات الأثر المالي والاقتصادي الإيجابي الطويل الأمد في الناتج المحلي، وخاصة باستغلال القرب الجغرافي مع المملكة العربية السعودية، وتطوير سبل التعاون فيما بينهما».
ولفت العريض إلى أن «القطاع الصناعي بشكل عام يعتبر العمود الفقري لاقتصادات الدول، ولقد استطاعت البحرين أن تجعل من نفسها مركزا إقليميا لريادة الأعمال وللصناعات الصغيرة والمتوسطة التي تعول عليها الدولة كثيرا في سياساتها الهادفة إلى تنويع مصادر الدخل، وتوسيع دائرة القطاع الخاص باعتباره شريكا فاعلا في التنمية الاقتصادية وفي خلق الفرص الاستثمارية وفرص العمل».
ووقعت شركة مجال مؤخرًا على هامش افتتاح معرض الخليج للصناعة 2018 اتفاقية مع الشركة الصينية البحرينية (برود وي)، التي استأجرت 2000 متر مربع، وستعمل الشركة على الاستثمار في مجال إعادة تدوير مادة البلاستيك، وستقوم الشركة الصينية بجلب المخلفات البلاستيكية من مصانع سعودية إلى مملكة البحرين وإعادة تدويرها وتصديرها إلى الصين ومنطقة الشرق الأقصى، ويتوقع أن يصل حجم صادراتها من هذه المواد المعاد تدويرها إلى 500 طن شهريا.
وتخطط الشركة في الوقت الراهن إلى إضافة 12 ألف متر مربع، كتوسعة للأراضي التي تخصصها لاستضافة الاستثمارات المحلية والأجنبية خلال العام الحالي، ومن المتوقع أن تكون هذه المساحة خارج موقعها الحالي في مرسى البحرين للاستثمار بمنطقة الحد، كما تبحث «مجال» عن مزيد من الأراضي للاستحواذ عليها أو تأجيرها لشركات أخرى، ولديها مزيد من المشاريع التي تخطط لتوقيع اتفاقيات قادمة، وتمتلك مجال مساحات تأجيرية تصل إلى 60 ألف متر مربع، وتخدم 40 شركة صغيرة ومتوسطة تقدم منتجاتها للسوق المحلي وسوق المنطقة الشرقية في السعودية.
وعن التحديات التي تواجه هذا القطاع، شدد العريض على أن «القطاع اللوجستي في المنطقة يتأثر بالظروف المالية والاقتصادية العالمية وبالقوانين والتشريعات التي تتبعها الدول، ويرتبط تطوره بخطط التنمية والإنفاق الحكومي، وقدرة القطاع الخاص على المشاركة الفاعلة فيه، إضافة إلى دور القطاع اللوجستي في تحقيق النجاح من عدمه، إذ يتأثر بالتقلبات التي يظهرها الاقتصاد العالمي، وموجات التذبذب التي تعكسها أسواق النفط على عوائد الدول النفطية، ما يستدعي إعداد خطط استراتيجية من القطاعين العام والخاص وتعزيز قدرات صغار المستثمريـن لضمان تـطور القطاع اللوجستي».
بوابة دخول لأسواق الخليج
وفي هذا السياق، صرح المدير التنفيذي لتطوير الأعمال بقطاع الصناعة والنقل والخدمات اللوجستية بمجلس التنمية الاقتصادية حسين رجب: «تكمن الأهمية الاستراتيجية للقطاع اللوجستي في دعمه القوي للنمو الاقتصادي، إذ إنه مكون رئيسي في تنشيط قطاعي الصناعة والتجارة الإقليمية، حيث يشكل قطاعا الصناعة والخدمات اللوجستية مجتمعين ما نسبته 21% تقريبا من الناتج الإجمالي المحلي».
وأضاف رجب: «ثمة عوامل كثيرة تسهم في جعل البحرين مقرا مفضلاً لمختلف الشركات العاملة في القطاع اللوجستي، أبرزها الموقع الاستراتيجي لمملكة البحرين وسط دول الخليج، حيث تعتبر البحرين بوابة الدخول لأسواق دول مجلس التعاون البالغة قيمتها 1.5 تريليون دولار أمريكي بشكل عام، والسوق السعودية بشكل خاص، حيث يمكن للشركات نقل بضائعها برا عن طريق جسر الملك فهد إلى المملكة العربية السعودية في غضون ساعات، كما بإمكانها الوصول إلى 75% من السوق السعودي في غضون 24 ساعة».
ولفت رجب: «توفر البحرين بيئة عمل منخفضة الكلفة من الناحية التشغيلية بنسبة تصل إلى ما بين 30% و40% مقارنة بدول الجوار. كما تتميز أيضًا بأقصر وقت عبور بين الميناء والمطار والمناطق الصناعية داخل دول مجلس التعاون الخليجي، ما يجعل منها وجهة مثالية على مستوى المنطقة».
وثمة عوامل كثيرة تسهم في جعل البحرين مقرا مفضلا لمختلف شركات النقل والشحن والتصنيع بكل أشكاله، أبرزها الموقع الاستراتيجي لمملكة البحرين في توسطها منطقة الخليج العربي واتصالها المباشر مع أكبر اقتصادات المنطقة ممثلا بالسوق السعودية، فالمملكتان ترتبطان برا عن طريق جسر الملك فهد الذي يبلغ طوله 25 كلم وتعبره نحو 1000 شاحنة يوميا محملة بتشكيلة واسعة من السلع والبضائع.
منطقة البحرين اللوجستية
وتم إنشاء منطقة البحرين اللوجستية في عام 2008 على مساحة قدرها كيلومتر مربع من الأرض المحاذية لميناء خليفة بن سلمان، وتتميز المنطقة بموقعها الاستراتيجي واتصالها بشبكة النقل، ما يؤهلها لأن تلعب دورًا مهمًّا في قطاع النقل البحري والموانئ بالمملكة. وتحتل المنطقة مساحة رئيسية داخل الميناء، وهي مصممة لتكون جزءًا مكملاً للميناء الجديد ولتوفير جميع المرافق اللازمة لأعمال اللوجستيات الحديثة والخدمات المضيفة للقيمة لشركات يتم اختيارها بعناية، يشترط فيها أن تتمتع بمركز قوي للاستفادة من المزايا الخاصة لمركز البحرين المتميز في الخليج العربي.
صُنّفت منطقة البحرين اللوجستية ضمن أفضل المناطق الحرّة المتخصصة في الشرق الأوسط كما ورد في تقرير نشرته مجلة «fDi» التابعة لـ«الفايننشال تايمز». وقد جاءت منطقة البحرين اللوجستية في المرتبة العاشرة ضمن فئة أفضل منطقة لوجستية -الفاعليّة الاقتصادية- من بين مناطق التجارة الحرّة للمستقبل في الشرق الأوسط للفترة بين 2011 و2012. وتعتبر منطقة البحرين اللوجستية منطقة جمركية حرّة تتميّز بخدمات جمركية على مدار الساعة، حيث تتيح للمستأجرين قيمة مضافة بالنسبة إلى عمليات التصدير والاستيراد وإعادة التصدير. إلى جانب ذلك، فإن منطقة البحرين اللوجستيّة تتميّز بموقع استراتيجي وأسعار تنافسيّة وخدمات ذات جودة عالمية عالية المستوى، وذلك من خلال سرعة مناولة البضائع وقربها من ميناء خليفة بن سلمان المتطوّر، ما ساعد على استقطاب عدد من الشركات الرائدة من أجل تأسيس ومزاولة أعمالها في بيئة تجارية متكاملة في مملكة البحرين.
كما تعد أول مرفق متخصص للوجستيات في المنطقة، حيث توفر بيئة رفيعة المستوى للشركات اللوجستية العاملة بأعلى شروط الجودة. ولقد تم تصميم منطقة البحرين اللوجستية، التي تتولى شؤون الموانئ والملاحة البحرية بوزارة المواصلات والاتصالات تشغيلها، لكي توفر للشركات المحلية والإقليمية والعالمية قاعدة للعمل في منطقة جمركية للإفادة من موقع البحرين المتميز لخدمة الأسواق في شمال الخليج العربي والوصول إلى أسواق دول مجلس التعاون الخليجي بشكل سريع واقتصادي.
ولعل أبرز مبادرات تطوير القطاع اللوجستي في المملكة تطوير الأطر والتنظيمات التشريعية لقطاع الخدمات اللوجستية، التي تسمح بتملك المستثمرين من خارج المملكة ما نسبته 100% من مراكز التوزيع الإقليمية والخدمات اللوجستية الأخرى وتسهيل بيئة الأعمال وتنافسية القطاع، إلى جانب تبني التكنولوجيا والتقنيات الحديثة في الخدمات اللوجستية، علاوة على توحيد الجهود الحكومية في ظل تشكيل لجنة عليا معنية بالقطاع اللوجستي.